22
يناير
2023
الإعلام ما لهُ وما عليه ، بين الحدثِ والتضليل ، بين العبث والمسؤولية ، ودوره الفاعل في الميدان .
نشر منذ 8 شهر - عدد المشاهدات : 299

الإعلام ما لهُ وما عليه ، بين الحدثِ والتضليل ، بين العبث والمسؤولية ، ودوره الفاعل في الميدان .

تساؤلات 

حيدر فليح الشمري

سأكتب وأتذكر في الوقت نفسه غصة ألم نعيشها كل يوم ، تحكي قصة واقع فُرض على شعوبٍ أصبحت الحقيقة فيها مجرد كلمات ، من آلاف الجمّلِ آلتي تُسطرها الأقلام بكل توجهاتها ، والافواه بما تصدح به من أصوات ، والفيديوهات التي تنقل الأحداث كل ثانية بل أصبحت أجزاء منها ، بين الحقيقة المشوهة ، والحقيقة المفبركة للأكاذيب ، والحقيقة الخيالية للأمور العلمية والاجتماعية والثقافية ، وبين هذه وتلك اختلط كل شيء ليصبح البحث عن تلك الكلمات غاية قد يصعب معرفتها إلا بعد حين ..

يقول محمود تيمور ( ليست الصحافة الا وليدة البيئة ، وصورة العصر ، ومرآة تنعكس على صفحتها ، بدوات المجتمع ونزواته ) وبما أن الصحافة هي اللبنة الأولى للإعلام فإنها استطاعت وإلى الآن بممارسة احقيتها في بث الخبر الإستراتيجي المأخوذ من عمالقة السياسة والاقتصاد بصورة حصرية ، لتتناولها وسائل الإعلام الأخرى وتقوم بتحليلها ، فيترجمها كل محلل بتحليله الشخصي ليبث على الجمهور بمختلف مستوياته ، الآلأف من التشويش والغواش على فهم المستمع من قبل هؤلاء المحللين ، لا ننسى البعض منهم محتالين ومراوغين كما يصفون الثعلب في أمثلتهم ، فأنقسم الإعلام إلى جهتين صادق و مضلل ، رغم أن كل القنوات تكتب نحن الحقيقة نأتي بها أينما تكون وفي أي وقت ومكان ، وهي في الأغلب الأعم تضليل في غواش ، لهذا عندما نقارن بما قاله إبراهيم الكوني ( المسرح دنيا ، يتفرج فيه الأغلبية على الأقلية ، والدنيا مسرح ، تتفرج فيه الأقلية على الأغلبية) نجد أن واقع الإعلام وخاصة العربي منه قد أصبح مثلما قال ، رغم حكم الأقلية الذي ساد وما يزال على واقع شعوبنا ، فإن حكم الأغلبية أصبح هو واقع آخر يمارس التضليل من وجة نظره التي طالما كان مغيب عنها ..

اتسع الإعلام في وقتنا الحاضر بشكل مجنون ، خاصة مع تلك التطبيقات التي امتلأت فيها الهواتف النقالة بيد الأطفال قبل الشباب والبالغين ، تمت تسميتها بمواقع السوشيال ميديا ليتم عرض كل ما هو غير احترافي ، بل أصبح الإقبال عليه بصورة لا تصدق بعد الربيع العربي ، حيث تدهورت الرقابة على المحتوى المقدم من قِبل الأغلبية التي كانت لا تشارك الأقلية فيما تكتب ، يقول رجب طيب أردوغان ( يُمكن العثور على أفضل الأمثلة على الأكاذيب هناك ، بالنسبة لي وسائل التواصل الاجتماعي هي أسوأ تهديد للمجتمع ) وهي حقيقة بحد ذاتها صحيحة ، لكن من وجهة نظر أخرى فهي دمار للشعوب ، كثرت القنوات الفضائية وكلها تسيطر عليها جهات أرادت الوصول إلى سلّم إتخاذ القرارات في الدول عن طريق جذب المشاهير إلى قنواتها ، خاصة أولئك الذين لهم متابعين ومعجبين على تلك المواقع وهذا ما قاله الكسندر ستيل ( نحن نعيش في عالم يترجم فيه الإعتراف بالمشاهير ، والوصول إلى وسائل الإعلام والسلطة بسرعة كبيرة ، تؤدي إلى قوة سياسية وفي الواقع إلى قوة اقتصادية) وهذا هو بالفعل ما يحصل في مجتمعاتنا العربية بشكل مجنون ، حيث السلطة والإعلام بيد أشخاص غير مؤهلين ، النتيجة إلى انحدار في المادة الإعلامية المقدمة إلى الجمهور ، حيث قدمت بكل ما تملك من أدوات صورة جميلة جدا الغاية منها هو تهديم الأسرة وتفكيك المجتمع وزرع ثقافة العنف والفوضى الخلّاقة والطائفية الدينية بين أبناء البلد الواحد والشعوب العربية فيما بينها ..

أختمها بما قاله نعوم تشومسكي ( إذا كنت لا تؤمن بحرية التعبير للناس الذين تحتقر ، فأنت لا تؤمن بها على الإطلاق) وهو الصواب بعينه ، فكيف يحترم إعلامنا المبجل بنقل الحقيقة والحقيقة فقط إلى من ينتظرون منه الحقيقة ، عندما نقرأ أو نسمع أو نشاهد بأنه ينقل الحقيقة سوف نشاهد التطور بكل أشكاله للفرد والذي ينعكس بدوره إلى المجتمع ، السبب بسيط أن بث الأكاذيب يشجع على الكذب وبالتالي يؤدي إلى عدم المصداقية في الوصول إلى الهدف ، وفي نفس الوقت يبقى المتلقي يكذب لأن الإعلام أصبح سلعة رخيصة يستغلها متى شاء معتمد على قنواته في مواقع التواصل ليكون ردة فعل طبيعية على انتشار الكذب من قِبل الطرفين ، الأقلية تكذب للسيطرة والأغلبية تكذب لأنها ليست ذات اختصاص بالإعلام وتفرعاته ومنهاجه الفكري ، ليبقى الإعلام في وقتنا الحاضر هو أقوى من أي صاروخ نووي أو مغناطيسي لأنه ينتصر باستقطاب الفكر وبأقل الخسائر ، عكس تلك الصواريخ التي تؤدي إلى القتل واستنزاف الأموال وتهديم البنى التحتية الأساسية .

 

 

                      حيدر فليح الشمري


صور مرفقة






أخبار متعلقة
مشاركة الخبر
التعليق بالفيس بوك
التعليقات
وكالة صدى نيوز
استطلاع رأى

عدد الأصوات : 0

أخبار
حالة الطقس
booked.net
حكمة اليوم